Tuesday, July 24, 2007

تجليات تلاحقنى



تجل يقينى

..ما من شىء يثبت على حاله ، لو حدث ذلك لصار العدم ،
كل شىء فى فراق دائم ، المولود يفارق الرحم ،
الإنسان يفارق من دنيا إلى آخرة مجهولة بلا آخر
البصر يفارق العين الى المرئى ،
ثم يفارق المرئى إلى البصر
الليل يفارق النهار
و النهار يفارق الليل
و الساعه تفارق الساعة
و الدهر يفارق الدهر
الذرة فى فراق دائم عن الذرة
الجسد يعانق الجسد ثم يفارق
يولج القضيب فى الفرج ، ثم يفارقه
تنبت الأوراق غصة ، خضراء
ثم تفارق الأغصان
الفكرة لا تلحق بالفكرة
و الصورة لا تمكث فى الذهن
يجىء شتاء ، و يجىء صيف ، ثم ربيع ، ثم خريف
كل يفارق اإلى حين
كل فى فراق دائم
الذات تفارق الذات
حتى الأشياء التى ظننا أنها باقيه أبدا
حتى الأيام التى اعتقدنا أنها لن تتبدل قط ، و لن تتغير ، و لن تزول
كل شىء فى فراق
كل شىء يتغير
كل شىء يتغير
..
فلنفهم!

......................................


تجلى الأرض و الزمان المتغير




.. تلك الرقعه محدودة ، عند المفارق ، و آه من المفارق
فى طريقى اليومى الذى اعتدت أن أسلكه ، وطئتها أقدام لم أرها
و ستخطو فوقها أقدام لا تزال فى رحم الغيب
كانت رمالا وصخرا و من قبل لهبا
و الآن مرصوفه بلأسفلت
و بعد بناء مدينتى أصبحت مروية
نضرة بالخضرة ، ملاعب للخيل
ثم صارت متنزها حتى أوائل الرن الماضى
نما العمران ، و تكاثرت المبانى ، و جاء الترام
لكن طال الوقت أو قصر ، لن تنصب المبانى إلى أبد
و لن تبقى المفارق
ستعلو مبانى و قد لا تشيد أخرى
و ربما انطلق منها الإنسان يوما إلى الفضاء الخارجى
يلاحق الأفلاك فى مساراتها
ربما داسها أبى مرارا فى سعيه اليومى
و قد يدوسها أحد أبنائى
أو واحد من أحفاد أحفادى
إنسان منحدر من صلبى لن يسمع عنى
و لن يدرك ابدا ما عانيت فى زمن السوء
لأن أسمى سيتساقط كورقة جافة من شجرة الأصل و السلالة
كما تساقط الذين سبقونى من أجداد جدودى
آه لو تجلى لى أحدهم
عاش منذ الآف الأعوام
من هو ؟ كيف عاش ؟ بمن ارتبط؟
اصغى إلى من يقول :
و ان عدتم عدنا
أدرك ان العودة محال
لأن الدنيا فى فراق دائم عن الدنيا
أبصر رقعه الأرض فى سفرها عبر الزمن الذى لن أعيشه
أرى تدفق الحركة فوقها بعد فراقى النهائى
و أتمنى لو أثبت رسالة أو علامة فوقها لمن سيطؤها
لمن سيعبرها
لعل و عسى
..

" كتاب التجليات "- جمال الغيطانى