بحبك.. يا صاحبي!
25/01/2006
بحبك.. يا صاحبي!
البراء أشرف - القاهرة
سؤال : من الشخص الجالس في الصورة بأعلى؟جواب : .........لن تعرف بالتأكيد، ولا أنا نفسي عرفت للمرة الأولى حين سألني صاحب الصور!مصعب، صديقي الذي أعرفه منذ سنوات، الأسبوع الماضي كانت المرة الأولى التي أرى فيها صوره صغيرا، وكان هو المرة الأولى أيضا، الذي أنتبه فيها لأشياء كثيرة جميلة فيه أكثر من عيونه الملونة وابتسامته الفظيعة!
ظروف غامضة
"لقد عرفت بطرس في ظروف غامضة، كلها فشل ورسوب وتخلف"الجملة الماضية على لسان عفت (أحمد رزق) في فيلم ثقافي متحدثا عن صديقه، وهي التي أكررها دائما حين أتحدث عن مصعب.كنت على أعتاب الثانوية العامة مخلفا ورائي نجاحا ساحقا في الإعدادية، ومتجها ناحية فشل ذريع في الثانوية، وكان هو قادما من باكستان حيث قضى طفولته هناك وعاد أخيرا بعد أن انتهت مدة عمل والده هناك ولكي يتمكن مصعب من دراسة الثانوي في مصر.ولأن أبيه وأبي أصدقاء منذ الجامعة، فقد شاء القدر أن نصبح أنا ومصعب كذلك..!كانت مهمتي الأولى في حياة مصعب هي أن أعرفه على مصر من جديد، فهو لا يعرف عن البلد شيئا، وانتهزنا أجازة الصيف لفعل ذلك، والعجيب أني أنا الآخر بدأت أكتشف القاهرة في الوقت ذاته، ومع مصعب أيضا.وهو يذكر لي الآن الأماكن التي كنت سببا في معرفته بها، ومازال لم يسامحني عن زيارته لها أبدا، ببساطة كنت السبب في أن يعرف مصعب أقذر واسوا وأحقر الأماكن، وحجتي الوحيدة هي أني كنت أعرفه على القاهرة الكبرى..وضواحيها!أولى ثانوي، فشل وبدايات انحراف، ثانوية عامة، حبس في البيت وإدعاء المذاكرة وبنت الجيران وزميلة المدرسة.. وأخيرا مكتب التنسيق.. هو للهندسة.. لأنه كان علمي وبيذاكر، وأنا للآداب.. لإني كنت أدبي وكنت أحضر حصص التاريخ نائما في المكتبة.تذكر بلكونة بيتي ليالينا التي قضيناها هناك في التخطيط للمستقبل، ويذكر الماسينجر الكريم خناقتنا وإفيهاتنا البايخة التي لا نمل منها أبدا.. ويذكر باب شقتهم دموعنا سويا ليلة وفاة والده.ويذكر موبايلي أيضا ميسداته المتكررة، واتصالاتي الطويلة له، والسبب الوحيد أني حولت لنظام الساحر في حين ظل هو حبيسا لنظام مكالمات قليلة.
مصعب..مصاعيبو..أبو الأصعاب!
مصعب، هو أحد الأشياء (وربما يكون الشيء الوحيد) الذي لن ولا أستطيع التخلي عنه بسهولة ولا بصعوبة، يملك في ذاكرتي أكثر ما أملك أنا نفسي، ويحتل ذكرياتي في كل أماكني الحبيبة والكريهة.كل الأماكن التي أحببتها كان معي فيها، وكل الأماكن التي كرهتها كان أيضا معي، الفارق الوحيد أن الأماكن الأولى أحببتها لأنها جميلة ولأنه كان معي فيها، والأماكن الثانية كرهتها لكن ما هون علي وقتها أنه أيضا كان معي.الآن، وفي عشرينات الذي يجمعنا هو كمبرمج للموقع وأنا كمحرر، تتلاصق مكاتبنا ونأتي سويا وننصرف كذلك، ونقضي رحلة الذهاب والإياب في التفكير لمشروعاتنا الصغيرة، التي ربما لا تتجاوز شراء لاب توب جديد أو تحميل نغمة جديدة للموبايل.في رحلة العودة لمنازلنا نصل للطوابق بشارع فيصل حيث أسكن، يوصلني إلى بيتي ويعود للمحطة ذاتها بشارع الهرم حيث يسكن هو، وفي الصباح نلتقي في منطقة محايدة بيني وبينه لنأتي سويا للعمل، هذا إن نجح كل منا في ايقاظ الآخر من نومه.يظل مصعب في حياتي بنقائه وطيبة قلبه نقيضا لي بتهريجي المستمر وتريقتي على كل الناس.. حتى هو، لكن لا أنا سئمت منه ولا هو كذلك، فكل منا يملك للآخر الجزء الذي يفتقده، لذا يظل وجوده ضروري لي، ويحمل وجودي له الضرورة ذاتها.تبقى تفاصيل صغيرة بيني وبينه، لكنها مهمة لتكمل لك الصورة، مكالمتنا منتصف الليل ليخبر أحدنا الآخر عن فيلم رائع على mbc2 أو مسرحية قديمة على روتانا زمان.اتصالات أمي تشتكيني له فيها، وتطلب منه أن يعقلني ويجعلني أسمع كلامه.. وسفرنا سويا إلى قنا انا لأمتحن وهو ليرافقني (ونس يعني)!
أماكننا المميزة، سينما جلاكسي وقهوة المهدي و"جنة فواكه" لورد، كايرو مول وشارع الشواربي.. مركز شباب الصفا، جمعية الكشافة البحرية بالجيزة، كلها أماكن تذكر لنا مواقف ربما نسيناها نحن أنفسنا.. وكلها تأبي إلا أن تترك داخلنا علامات ترفض أن تمحى.. حتى لو نستها الذاكرة.لماذا أكتب عن مصعب الآن؟!حجتي الوحيدة هي أنني أرغب في أن أقول له أني أحبه، كنت أفكر أن توقيت نشر الموضوع الملائم هو مارس في عيد ميلاده، لكنه يتوقع مني وقتها أن أعبر له عن مقدار ما أكنه له في قلبي من حب، أما الآن.. فالكتابة عن مصعب هي المناسبة، فقط لأنه لا توجد مناسبة لذلك.لأنه لا يحتاج إلى مناسبة لأخبره فيها بذلك، لهذا أكتب عنه لكم .. مصعب.. أحبك!* اكتبوا لنا عن أصدقائكم وأفكاركم الخاصة، عن أولئك الذين نحبهم ويسكنون قلوبنا دون أن نصرح لهم بذلك لإنه "مش ضروري"، عن حكاياتكم، أصحابكم، أهلكم وكل ما يستحق أن يحكى عنه .. في عشرينات